top of page

الفتاة المٌحترقة

  • محمد عبدالتواب
  • Apr 27, 2016
  • 3 min read

في ذلك المنزل الذي يخص جيراننا والذي يحتوي علي عائلتين معاً كل منهما يقطن في جناح من المنزل لكن بطبيعة الحال الأبواب مٌشرعة يتناقل أهل المنزل من هنا إلي هناك و هكذا, الكل يتشارك في كل الأشياء بداخل هذا المنزل الكبير, في طفولتي لم تقتصر صداقاتي علي من في مثل عُمري في ذلك المنزل بل كنت أصادق الجميع من هم أكبر مني سناً سواء فتيان أو فتيات فالكل كان يرحب بي ربما للكنتي الغريبة والحروف التي سقطت مني بدون سبب وحكاياتي الغريبة والعجيبة والتي كانت تشبه حكايات سندباد في بلاد الواق واق وتحدثي بلغة غير مفهومة, كنت دائماً أخبرهم أنها اللغة الألمانية لأنني في الأصل ألماني الجنسية وليس مصري بل القدر هو الذي أوقعني في براثن تلك المدينة ويوم ما سوف أعود إلي وطني الأم إلي ألمانيا وأشيائي التي تركتها وراء ظهري هناك

في ذلك الوقت كان يتجمع فتيات وفتيان هذا المنزل في المساء حول المذياع وأنا بينهم في تلك الحجرة الفتيات يجلسن علي مخدع وأنا بينهم والفتيان علي المخدع الثاني والكل يستمع بتركيز وإنتباه إلي المذياع, أتذكر أن كان لديهم فتاتين أقل مني في العُمر قليلاً ولكنني كنت أحيانأ ألهو معهن وكثيراً أجلس مع الفتيات الأكبر عُمرأ لأنني كنت أفضل ذلك وهن يجدن حكاياتي مشوقة لهن

في المساء كنت أذهب مُسرعاً إلي منزل جيراننا لكي أنتظر معهم جميعاً نلتف حول المذياع لكي ننصت جميعاً إلي ذلك المسلسل البوليسي لكي يحاول كل منا أن يجد حل اللغز ثم ننتظر في آخر الليل الحل الصحيح, كنا نتصارع والضجيج يملأ المكان فكل واحد من المتزاحمين في تلك الحجرة يدافع عن رأيه وأنه يعرف حل لغز هذه الحلقة من ذلك المسلسل, كنت لا أفارقهم أبداً إلا في وقت النوم فقط, ربما لإدراكي بأن جيراننا هؤلاء طيبون ويحبونني كثيراً

في يوم ما سمعت الصرخات تملأ الشارع والكل يركض وأنا أركض من ورائهم لكي أعرف ماذا حدث في شارعنا ذلك فإذا بفتاة تركض مُنطلقة من ذلك المنزل الذي أحب أفراده جميعاً والنار تشتعل بها وهي تصرخ تعبر الطريق إلي الناحية الأخري نحو صديقتها التي تقطن المنزل المواجه لهم, صديقتها تخرج مًسرعة من منزلها تحمل بطانية وآخرون أيضاً الكل يحاول إطفاء النيران التي تلتهم جسد تلك الفتاة التي أعرفها جيداً, الكل يصرخ والعويل يملأ المكان لكن في نهاية الأمر ماتت تلك الفتاة, ربما توفت في تلك اللحظة أو بداخل إحدي حجرات مستشفي بلدتنا فكل هذا لايهم المهم أنها توفت بدون أن أدري لماذا, ذلك المنزل الذي كان مُفضلاً لدي أصبح حزيناً كئيباً الكل في صمت وحزن علي تلك الفتاة التي أشعلت النيران في جسدها وركضت نحو صديقتها لكي ترتمي في أحضانها في لحظاتها الأخيرة كأنها تودعها أو كأنها أرادت أن تبلغ الجميع رسالة بأنها فعلت ذلك بسبب عائلتها, لكن

ماهو السر الذي دفعها لفعل ذلك ؟!! لم أجد أحد يخبرني بذلك في حينها

الوقت يمر والكل ينسي ما حدث وتعود الحياة طبيعية في منزل تلك الفتاة ولكن بعد مرور بعض الوقت بدأ شبح ذلك الفتاة يظهر مابعد الثالثة من بعد مٌنتصف الليل وقد شاهده بعض الجيران بما فيهم والدتي حيث يشاهدونها وهي تجري عبر الطريق والنيران مُشتعلة بها وتركض نحو منزل صديقتها ثم يختفي شبحها كأنها إخترقت الجدار لتلقي بنفسها مّرة أخري في أحضان صديقتها

الكثير يرون ذلك في الليل والكل يعلم أنه شبح تلك الفتاة ولا يستطيعون فعل شيء تجاه هذا فالتكرار سيد الموقف والكل يتجنب الحديث عن هذا الشبح, بعد عدة أعوام الصديقة تموت بدون أن تتزوج بعد بل توفت شابة صغيرة هي أيضاً ويقال أنها كانت تعاني من مرض بالقلب لذلك لم تتزوج وليس هنالك سبب آخر له علاقة بصديقتها المحترقة

عاود الشبح في الظهور مّرة أخري لكنه لم يكن يركض نحو منزل صديقتها كما كان يفعل من قبل كأنه أدرك أن صديقتها قد فارق الحياة هي الأخري, من شاهد ذلك الشبح بعد ذلك كان يراه يسير في الشارع الجانبي لمنزلها أو في فناء المنزل كأنها حزينة أو تتجول بخطي ثقيلة والنيران تشتعل من حولها والأضواء الحمراء تحيط هذا الشبح من كل جانب, ذلك الشبح كان يظهر كثيراً في ليالي الشتاء ثم مع الوقت بدأ ظهورها يقل عن ذي قبل ولم يكن أحد يعلم لماذا !!! .... من يشاهده يتجنبه ويتجنب الحديث عنه ربما خوفاً منه أو أنه يذكرنا بتلك الفتاة المحترقة والتي لا يعلم أحد ما السبب حتي الآن

مع الوقت بدأ يختفي ذلك الشبح تدريجياً ومن النادر أن يراه أحد حتي أن البعض

قد نسي حكاية تلك الفتاة والشبح الذي لم يعد يظهر في الجوار إلا قليلاً


Comentarios


        رواية لعنة الجبل
         رواية بقايا رجل   

© 2023 by The Book Lover. Proudly created with Wix.com

  • Grey Facebook Icon
  • Grey Twitter Icon
  • Grey Google+ Icon
bottom of page