top of page

الإستفتاء

  • محمد عبدالتواب
  • Apr 25, 2016
  • 6 min read

كنت في العام الأخير من الدراسة بالجامعة ونهاية مرحلة من أمتع مراحل حياتي حيث كانت قلوبنا كالورود نابضة بالضحك والأمل في الحياة

في ذلك العام كنت قد وصلت إلي قمة الروشنة حيث إطالة الشعر كالطليانة لإعتقادي الراسخ بأن جدي الكبير ذهب وتزوج من الطليانة وعمل سمعة كويسة للمصريين هناك

لأن دائماً كان بداخلي إحساس بأنني أوربي المنشأ ففي طفولتي كنت أظن أنني ألماني صاحب الشعر الذهبي والعيون الزرقاوية ولكن مع مرور الوقت وتطلعي كثيرْاً في المرآة وأيقنت أن المرآة لاتكذب ولا يمكن أن يكون هذا القرد الذي أراه أمامي من جذور أوربية وكد أن أيأس من هذا حتي أخبرتني أمي أن أولاد خال جدتي من أصول إيطالية وهذه قصة أيقظت إيماني بجذور الأوروبية ففي تلك اللحظة لا يهم أن تكون ألمانية فربما تكون إيطالية فربما تكون جذوري من علي الحدود بين الدولتي وهذا ماسبب هذا اللبس داخل عقلي الباطني

المهم أن شعري هذا كاد يقترب من كتفي ومتدلي علي جبهتي كأني ليوناردو دي كابري في فيلم تيتانك وقد علمت سابقاً أن ليوناردو إقتبس هذه التسريحة مني والمسؤولية علي راوي هذه القصة الحاج أبو صالح الحلاق عندما أخبرني إن الواد ليوناردو كان في زيارة لأولاد خاله في القرية وعندما شاهد تسريحة شعري إنبهر بها وجاء إلي صالون أبو صالح لكي يقلدني في تسريحتي الرائعة

كنت كثير الإهتمام بالذهاب إلي الكلية وكنت منتظم جداً ليس بالطبع لحضور المحاضرات لأنني أتذكر أن مرت علي سنوات دراسية عديدة لم أنتظم في أي محاضرة خلالها ولكن كنت أذهب بسبب الأنشطة الكثيرة لي مثل مباريات كرة القدم لأني كنت حارس مرمي قدير وكنت محترف ولست هاوياً خارج نطاق الكلية

أذهب للعب لأي فريق مقابل إتفاق ضخم في بورصة اللاعبين وهو أربع علب سجاير كيلوباترا بالإضافة إلي طبق هريسة بالكريمة مع شوب عصير قصب دوبل لزوم اللياقة وهذا كان يوفر لي دخل يساعدني علي الدراسة حتي أجتهد وأحقق أمل والدتي في والذي حتي الآن لم يتحقق

بالإضافة إلي مباريات كرة القدم كانت من هواياتي المفضلة والبناءة والتي كانت تبني فينا الروح القيادية حتي نصبح فيما بعد قادة لتلك الأمة وشباب المستقبل اليافع النافع و هو عمل مجالس حوارية همسية في بعد الأحيان مع زميلة او صديقة من دفعة أخري أو أكثر من زميلة أو صديقة حيث كان يصل العدد إلي أكثر من خمسة وأكون أن الوحيد الدكر فيهم ممنوع إقتراب أي شخص آخر إلي تلك الجلسات البناءة

كانت تلك النشاطات كثيرة لدرجة أنها كانت من الأسباب الرئيسية في إصدار الكثير من القرارات داخل الكلية لمنعي بأي طريقة من مواصلة أنشطتي الهادفة حيث كنت متخصص في إصدار التصريحات ومد جسور الود مع الفتيات الجميلات فقط أو بمعني أدق المتحدث الإعلامي لفريق الأهلي داخل الكلية

أصبحت شهرتي داخل مكاتب الحرس الجامعي تعادل شهرة قيادي الجماعات الإسلامية وأعتقد أنه كان هنالك علي مكتب مدير الحرس الجامعي صفين من الملفات ملف يخص الجماعة الإسلامية وأنشطتها داخل الحرم الجامعي والملف الآخر خاص بي وبأنشطتي المتنوعة وكذلك التسجيلات الخاصة بي

كنت أشعر طوال الوقت أني مراقب عندما يزيد عدد الفتيات اللاتي يجلسن معي أكثر من خمسة كنا نٌحاط بسيارات الأمن المركزي وعندما يشتد سخونة الحوار كان يطلقون علينا القنابل المسيرة للدموع لتفريق الجلسة الحلوة دي

في يوم من الأيام فوجئت بإستدعاء العميد لي في مكتبه حيث سألني سؤال واضح وصريح قائلاً

ــ أعمل فيك إيه؟!! ........ أرجعك يعني الثانوية العامة تاني ؟!! ....... وزارة التربية والتعليم قالوا إحنا ما صدقنا خلصنا منه ....... يابني أنا عندي الضغط والسكر منكم موش كفايه عليه زمايلك الإسلاميين ........ يابني أنا عندي كوم شكاوي منك بيقولوا إشمعني أنت اللي بتكلم كل البنات دول إنت بتعمل معاهم

إيه ؟!!

أجبته بكل صدق وصراحة قائلاً وعلامات البراءة ترتسم علي وجهي

ــ سيدي العميد نحن نتجاذب أطراف الحديث وكلها موضوعات هادفة وثقافية الهدف منها رفع المستوي الثقافي والإدبي والعلمي ومراجعة المحاضرات حتي نرفع من مستوي المجتمع الذي نعيش فيه

نظر إلي العميد من أسفل النظارة قائلاً

ــ ونبي إيه ؟!! ..... دا أنا فاضلي شوية وحاعيط من كتر الفرحة بيك ....... يابني إنت كنت في التنظيم الطليعي قبل كده؟!! ........ يابني دا أنا كنت صايع وأنا أقدك وفاهم الحركتين القرع بتوعك دول

ــ سيدي لو سمحت ماتفتحش عينيه علي الحاجات دي أنا متربي تربية منغلقة ولسه منغلقه لغاية دلوقتي لدرجة أنا ماعرفش إزاي لغاية دلوقتي إحنا بنيجي إزاي والدي الحاج لغاية دلوقتي موش عاوز يقولي طيب ماتعمل ثواب فيه وقولي أنت

أجاب العميد والغضب يملأ عينيه قائلاً

ــ إطلع بره وإبقي أقابلني لو فلحت ولو نجحت السنادي ........ بقولك إيه موش عاوز أشوفك في محاضراتي

ــ موش مشكلة المحاضرات المهم السكاشن يا دكتور

ــ إشمعني ؟!!

ــ عشان موزة الدفعة بتحضر السكشن دا وماينفعش أفوته ولو علي رقبتي

ــ إطلع بره يافرحة أبوك وأمك

داخل الكلية كانت لي شلة أصدقاء كنا لانفارق بعضنا البعض إلا في حالة وجود ميعاد مع صديقة أو مجموعة صديقات فكان جميع أفراد الشلة تمتاز بخفة الدم والتنوع في الإتجاهات كنا نري في أنفسنا أننا أصحاب فكر منير وكان الغرض من جلوسنا مع زميلاتنا أن نغير إنطباعهم السيء أن كل من كان قادم من الأرياف يكون بدائياً لا يعرف شيء عن الحضارة غير المذياع فقط

كنا نطلق علي أنفٌسنا فريق الأهلي لأننا كنا نشكل فريق كرة بنفس الإسم وكان لنا كثير من الإصدارات مثل التقويم الميلادي بالأحداث المهمة داخل الكلية علي مدار السنة مع كتابة نبذه عن المجموعة وأعضاء الفريق ونبذه عن كل فرد بما فيهم أنا وهذا سبب لنا إنتشار بين دفعات الكلية وأصبح لنا صديقات كثيرات كنا نرحب بهن ولكن الأصدقاء كنا نهرب منهم لأننا عندنا مايكفي من الأصدقاء

عام التخرج وهي السنة النهائية كنا ننتظر الدفعة الجديدة حتي نستطيع عمل تقويم شامل لجميع الموزز داخل هذه الدفعة وعموماً كنا في الدفعات السابقة نادراً مانجد أكثر من ثلاث فتيات يمكن أن يٌطلق عليهم لفظ موزز ولكن كانت المفاجأة أن تلك الدفعة من أكبر الدفعات التي مرت علينا والتنوع كبير وأعداد الموزز هائل يكفينا طوال العام بدون أي نقص في الموزز فالتنوع واضح في الثياب والمكياج, تنوع خصب يجعلك تٌبدع في محاولات التعرف عليهن

كل هذا جعلنا نفكر كيف نقتحم هذا المعسكر والإستيلاء علي كل تلك الموزز قبل إفتراسهم من قبل الدفعات الأخري

بدأنا بالطرق التقليدية في عمل حركات لولبية أجل التعرف عليهن أو من خلال صديقاتنا من الدفعات الأخري ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وكانت تجارب عقيمة ,كان الهدف ليس في حد ذاته التعرف علي زملائنا ولكنها رغبتنا في فرض سيطرتنا ضد زملائنا القادمين من الأسكندرية حيث كانوا يظنون أنهم أفضل منا وأننا من طبقة حضارية أقل منهم

قررنا عمل مجلس حرب داخل إحدي غرف المدينة الجامعية نتدارس فيها كيفية الإنتصار في تلك الحرب مع الدفعات الأخري وتحقيق الهدف المرجو منها لأن سمعة الفريق أصبحت علي المحك في هذا الصراع الضروس

إعترض أشرف قائد أحدي المجموعات داخل الفريق معللاً ذلك بأن الحرب المقدسة مع مشرفين التغذية داخل المطعم الخاص بالطلبة وكيفية إجبارهم علي زيادة الحصص الغذائية للفريق من لحوم ودجاج لنا فقط ولا صوت يعلو علي صوت الحرب المقدسة وقرر الإنسحاب من الإجتماع ورفض التعاون معنا

قررنا تكملة مجلس الحرب بباقي الفريق وعمل منظومة معينة لخلق فكرة جديدة

تجعلنا نكسب المعركة وتحقيق الهدف وهو السيطرة علي جميع الفتيات داخل الدفعة الجديدة بدون خسائر في الكرامة

وجاء الإبداع من خلالي حيث طرحت فكرة الإستفتاء عليهم بأن نكتب مجموعة من الأسئلة داخل ورقة مطبوعة وتدور حول فكرة الجامعة والحياة في الجامعة والعلاقات داخل الحرم الجامعي و كيفية النظر إليها داخل المجتمع الشبابي الطليعي

تم توزيع تلك الورقة علي الكلية بأسرها تحت رعاية فريقنا ومدون عليها أسمائنا وتعاهدنا أن كل منا سوف يتم توزيعها بالتساوي بين شباب وفتيات الكلية بالتساوي , وبالفعل بدأ كل منا التوزيع بطريقته ونجحت الفكرة نجاحاً باهراً وإقبال الفتيات عليها كان منقطع النظير لأننا لم نوزع إلا علي الفتيات فقط, الأولوية للفتيات الجميلات وهذه الفئة كنا نطلق عليها فتيات تّدخل النار والفئة الثانية فتيات تّدخل الجنة لأنهن لايملكون من الأنوثة سوي اللقب فقط

بدأ الخبر ينتشر داخل الكلية وأصبحنا كنجوم السينما , كلهن يتسارعن للإشتراك في الإستفتاء أو الحديث معنا حتي كانا نبذل مجهود ضخم من كثرة الحديث طوال اليوم مع الموزز حيث كنا نعود إلي حجراتنا منهكين من كثرة التطلع إليهن طوال الوقت , علم الأمن بذلك وبعث إلينا لكي يستفسر عما يحدث داخل الكلية وتجمعنا كلنا داخل مكتب رئيس الحرس والسعادة الغامرة علي وجوهنا لأننا لم نلتقي منذ فترة طويلة بسبب إنشغالنا مع الصديقات الجدد

تطلع إلينا قائد الحرس الجامعي وعيناه حمراوتين تقدحان شرراً يكاد الدخان ينبعث منها ونحن كنا نظنها دموع الفرحة والفخر بنا من خلال إنشطتنا المتوهجة داخل حرم الكلية قائلاً

ــ هو أنا ماليش شغلانه غيركم ؟!! .. أولع فيكم بجاز وسخ وولع في نفسي من بعديكم ؟!! ... إيه موضوع الورقة اللي إنتم عاملينها دي ؟!!

أجبته بصرامة وفخر بما نفعله فنحن لا ننكر هذا بل كنت أظن أننا نستحق وسام علي هذا.

ــ إستفتاء وترحيب بزملائنا الجدد

ــ ولازمته إيه بقي ؟!! .. وإشمعني البنات بس ؟!!

فتطلعناا جميعاً إلي بعضنا البعض مندهشين كيف علم بهذا ؟!!

ــ موش ممكن إحنا بنوزع علي الكل ماعندناش خيار ولا فاقوس

نظر الظابط إلي أيمن مبتسماً قائلاً

ــ بذمتك ياريس اللجنة الرياضية وزعت علي شباب الكلية ؟!!

فسكت أيمن ولم ينطق فنظرت إليه قائلاً

ــ أيمن أخويا وصاحبي أنت بجد ماوزعتش علي زمايلنا في الدفعات التانية ؟!! ... قول أن كل دا كدب و موش حقيقة

أجاب أيمن وعينيه منكسة في إتجاه الأرض قائلاً

ــ ماكنتش فاضي يادوبك وزعته علي البنات بس

ــ أنا إتصطدمت فيك أنت خونت العهد ياصاحبي

ــ ونبي إيه !! .. إعملولي فيلم الأرض ولا إتطلعوا في مظاهرات كمان إنت ناسي إن نص الحرس داير وراك في الكلية و بيكتب عنك تقرير كل يوم ؟!! ...... أجبلك أسامي البنات اللي إنت وزعت عليهم ؟!!

ــ إستر عليه ربنا يستر علي حريمك يا كابتن

ــ لو سمحتم وزعوا علي الشباب موش عاوزين قلق في الكلية

أجابه أيمن قائلاً

ــ ولايهمك يا باشا وحياتك حتي العميد موش حانسيبه

بالطبع لم نوزع أي شيء ولم يكن أحد يعرف شيئا عن ذلك الإستفتاء سوي الفتيات الجميلات الفاتنات وتم تحقيق الهدف من الأستفتاء

تمت


Comments


        رواية لعنة الجبل
         رواية بقايا رجل   

© 2023 by The Book Lover. Proudly created with Wix.com

  • Grey Facebook Icon
  • Grey Twitter Icon
  • Grey Google+ Icon
bottom of page